آخر‮ ‬حوار مع الفيلسوف مصطفي‮ ‬محمود علي‮ ‬فراش المرض‮..‬

أتحدي الجميع بريق الكرسي يمنع توريث الحكم في حياة الرئيس

حوار بقلم: صابر شوكت

رحل عنا د. مصطفي محمود آخر فلاسفة العرب المعاصرين بعد ازمة صحية لازمته 4 سنوات.. حرمت منه ملايين عشاق كتاباته في مصر والمنطقة العربية.. الفيلسوف الثائر أثري المكتبة العربية بأكثر من ٩٨ كتابا. وعشقه الملايين من المحيط الي الخليج ببرنامجه التليفزيوني الشهير »العلم والايمان« احتفي به العالم.. بينما خذله بلده.. بسبب كتاباته ومواقفه ضد جرائم اليهود والامريكان.. للفقيد اسرارسنكشف عنها لأول مرة
.. بدأت علاقتي به عام ٤٩٩١ مصادفة علي باب أخبار اليوم وهو في ثورة غضب علي ادارة الحسابات لارتكابهم اخطاء في ايرادات كتبه بالدار الصحفية.. احتضنته وقبلت رأسه مواسيا.. وكنت أيضا في معركة مع الحسابات لسلبهم قيمة عشرة آلاف نسخة من أحد كتبي التي اصدرتها أخبار اليوم.. واكدوا لي ان رئيس قطاع الكتب وقتها اعتمد هذه الكمية الهائلة تحت بند هدايا فتبسم الدكتور الفيلسوف ونسي غضبه وبدأ هو يواسيني ويردد بصوته الرخيم »إحنا وقعنا في ايد بكاشين نصابين..« وأصر ان يصحبني بسيارته الي صومعته فوق مسجده الشهير بالمهندسين لنكمل حوارا مثيرا عن علم الارواح والجان. والذي كان قاسما مشتركا بيننا وقتها.. واستمرت صداقة التلميذ لاستاذ فيلسوف جليل لم تنقطع حتي كانت بداية عام ٦٠٠٢ كنت قادما من مهمة صحفية لتغطية غزو العراق.. ومحملا بأمانة شخصية من السيد »مقتدي الصدر« وبعض شيوخه بالنجف لتوصيلها الي د. مصطفي محمود.. فاتصلت به استأذن اللقاء.. ورحب وهو يعاتب انه منذ شهور حصل علي اعلي جائزة في الادب والصحافة من الولايات المتحدة.. ولم يهتم به احد في مصر كالعادة. ولاول مرة اتذكر ان اصور الاستاذ في موضوع صحفي. وفي اليوم التالي توجهت لبيته المواجه لمسجده. والذي نقل اليه تحت الحراسة الامنية بسبب كتابه »الشفاعة« وكان هذا الحوارالمسجل بالصوت والصورة.. والذي لم ينشر لأسباب خاصة.. فأدخرته ليصير آخر حوارمع الفيلسوف الثائر لان حالته ساءت بعدها. كشف في حواره عن اسرار عديدة في حياته..وكأنه استشف انه الحوار الاخير له فصارت عباراته تنساب وكأنها اخر وصاياه لهذه الامة.. فماذا قال.. وماذا كشف الدكتور مصطفي محمود؟ حزنت كثيرا عندما أخبرني الحارس بأن الدكتور مصطفي محمود متوعك.. وبينما يصحبني لغرفة نومه.. بادرني الفيلسوف مداعبا وهو علي فراش المرض.. طول عمرك نفسك تصورني.. ولامانع تصورني علي فراشي.. احتضنته وهو يردد باسما أنا بخير لاتقلق.. نهض قائلا.. ساعدني ألبس بدلة لتحصل علي صورة »أهم حدث« يقع لي هذه الايام ويسبب لي دهشة وحيرة بالغة.. انتقي بدلة شيك كعادته.. وتوجه الي تمثال ذهبي احتضنه في زهو مرددا في عباراته الساخرة.. هذه جائرة »بولتزر« العالمية جائزة نقابة الصحفيين الامريكية التي تماثل جائزة الاوسكار.. ولكن في مجال الأدب والصحافة.. ردد ساخرا.. تصور ان الامريكان طلعوا بيفهموا..!؟ لقد عشت طوال حياتي اشتمهم في مقالاتي.. واهاجم جرائمهم في حق البشرية.. وجرائم مساعدتهم لاسرائيل.. وفي الآخر منحوني أعلي جائزة في بلادهم.. ولن يهتم بي احد في مصر ويحتفي بي..!! سألته.. وماذا عن جوائز مصر..؟ أجاب في أس.. الكل يعلم الجوائز في مصر ليست خالصة لوجه الله واعضاء لجان هذه الجوائز موجهون بالريموت.. وعن نفسي دائما اقول انهم ناس »هجاصين«.. وأري دائما ان الجائزة يجب ألا يسعي لها أحدا.. ولكنها هي التي تسعي لمن يستحقها.. التوريث.. والحكم الجمهوري سألته عن رأيه في ظاهرة توريث الحكم في مصر لجمال مبارك..؟ .. ضحك الفيلسوف قائلا.. ان بريق الكرسي المسمي عندنا كرسي الرئاسة.. يمنع التوريث اتحدي الجميع بانني علي يقين بان الرئيس مبارك لا يسعي لتوريث الحكم لابنه جمال مبارك في حياته.. وأؤكد ان الرئيس القادم لمصر.. وسيظل كذلك الي ان يشاء الله هو الرئيس حسني مبارك..طالما ينبض قلبه بالحياة.. وللاسف هذه طبيعة الانظمة العربية الجمهورية كلها حاليا.. ان يظل الرئيس حاكما.. الجديد فقط هو ان من حول الرئيس الذين طال بهم الزمن كمسئولين مشاركين في الحكم عشرات السنوات.. تمكنوا خلالها من مص دم شعوبهم.. وكونوا ثروات وقصوار وضياعا.. هؤلاء هم الذين يشغلهم المجهول القادم لكرسي الرئاسة.! ويرتعدون أن تأتي الاقدار بعد رحيل الحاكم بشخص مجهول عنهم يجلس علي كرسي الحكم.. وتكون رؤوسهم هي أول من يعلقها قربانا للشعوب وما يتبعه من اجراء محاكمات علي جرائمهم التي ظلت ترتكب تحت حماية الرئيس السابق.. هؤلاء هم الذين اخترعوا ظاهرة »توريث« الحكم الجمهوري في الانظمة العربية لحماية مصالحهم الخاصة فقط..! أكد د.مصطفي محمود..ان طبيعة الانظمة الجمهورية عندنا.. ديكتاتورية شئنا أم أبينا..وتحكم بالقبضة الحديدية والنظام البوليسي.. وما الديمقراطية والمجالس النيابية في المنطقة العربية سوي ديكور لهذه الانظمة تجمل بها خطاياها في حق شعوبها امام العالم المتحضر.. الذي يضحك من كوميديا هذه الانظمة..وعلي رأسهم أمريكا والقوي العظمي التي تستغل هذه الانظمة لتمرير مصالحها بالمنطقة العربية.. ربما البلد الوحيد المستثني من كوميديا »الجمهوريات السوداء« بالمنطقة العربية هو لبنان.. رغم الدموية التي تحكم نظامها الديمقراطي الطائفي ولكن باقي الانظمة العربية تقريبا.. اصبحت الآن تحكمها هذه النغمة النشاز المسماة »توريث الحكم« للحفاظ علي مصالح من هم حول الرئيس الحاكم سواء أسرته أو شركاء الحكم الذين طال بهم الأمد علي كراسيهم. أكمل الفيلسوف ساخرا..وهو يضحك.. وربما الاقدار تأتي بما لا يشتهي هؤلاء الذين يحرضون الرؤساء الحاليين علي السعي لتوريث ابنائهم بعد وفاتهم.. ورغم ان هذا السيناريو نجح في سوريا، كأول تجربة ودعمته مصر بقوة في بداية حكم بشار الاسد بعد وفاة والده كتجربة يمكن تطبيقها في مصر.. وقد بدأناها فعلا باستحداث وظيفة لابن الرئيس.. اسموها.. أمين لجنة السياسات ليكون علي الساحة. وعندما تحين ساعة الصفربعد رحيل الرئيس.. يطبقون سيناريو بشار الأسد مع تغير بسيط.. والجميع الآن يسعي لذلك في اغلب الانظمة العربية.. ففي ليبيا نجد القذافي الكامن علي اقدار شعب ليبيا اكثر من اربعين عاما.. يعد ابنه علي الساحة حاليا.. وفي المستقبل سيستحدث له وظيفة في الحكم رغم ان عائشة القذافي ستسبب مشاكل. ..وفي تونس يسعي رئيسها لتطبيق نفس سيناريو سوريا وغيره كثيرا.. وغاب عن الجميع لعبة الاقدار.. فمن قبل سبقهم الطاغية »صدام حسين« وأعد ابنه قصي ليرثه من بعده وحدث للاسف ما حدث وضاع شعب العراق كله.. ولم يضع نظام الحكم المعد للتوريث فقط.. للاسف ملايين الابرياء من الشعوب المقهورة مقدر لهم ان يدفعوا ثمن عبث زعمائهم والحكام والجمهوريين بمقدرات الشعوب العربية. سألت الفيلسوف الثائر.. د. مصطفي محمود.. أليس هناك منقذ للشعوب العربية.. ومصر بالذات من المخاطر الغامضة لمغامرة نغمة التوريث السائدة حاليا..؟ أجاب الفيلسوف.. في تحد.. لا .. الأمل دائما سيكون في هذه الشعوب.. فهي الوحيدة القادرة علي القضاء علي »ظاهرة التوريث« المتفشية حاليا في المنطقة العربية ولا اتخيل ان سيناريو سوريا مع بشار الاسد سيصلح في مصر..التي اري انها تضج بالكثير من الاحداث التي قد تفاجيء الجميع حين ولادتها.. واعتقد انها ستكون ولادة متعثرة وهذا قدرلا مفر منه.. وهو ثمن الحرية.. المقدر دفعه.. المؤسسة العسكرية قد يكون لها دور كبير.. في حسم هذه الامور.. وهو دور كامن في علم الله.. وقتها فقط سيولد دستور حقيقي يحدد مدة الحكم وتداول السلطة.. ووقتها فقط.. ستعود ريادة مصر مرة أخري للمنطقة العربية..لان طريقة وأد ظاهرة التوريث في مصر.. ستكون مرعبة للآخرين في بقية المنطقة العربية..! سألت الفيلسوف الثائر.. ولكن هناك هامش حرية كبيرا.. ومساحة ديمقراطية تنعم بها مصر عن بقية الانظمة العربية.. اليس هذا كفيلا بحماية مصر من مخاطر غموض ما بعد مرحلة الرئيس مبارك..؟ قال الدكتور مصطفي محمود ساخرا بالفعل يوجد هامش حرية كبير حاليا في مصر.. ولكنها حرية الكلام فقط وليست ديمقراطية.. حرية ان تقول كل شيء.. ولكن النظام الحاكم يستخدمها كلعبة..ولا يدري انه يخاطر بالنار.. وهذا هو مكمن الخطر بمعني آخر.. ان النظام الحاكم في مصر.. حاسباها بالورقة والقلم.. في لعبة الحرية.. فهم اطلقوا حرية إقامة احزاب..ولكن بشرط ان تعمل كديكور لهم وغير مسموح لهم بمجرد التفكير في تداول السلطة.. اقاموا اكثرمن عشرة احزاب.. لا اتخيل ان رجل الشارع يعرف منها سوي حزب الوفد. اتحدي ان يعرف احد أي شيء عن حزب اخر في مصر.. سوي حزب »الصباحي« الكوميدي الدولة تلعب بالديمقراطية والحرية لعبة خطرة.. فقد سمحت بظهور احزاب هلامية تشارك في كوميديا انتخابات الرئاسة.. واطلقت عشرات الصحف تكشف كل شيء بحرية أقر بانها اكثر من امريكا واوروبا.. ولكنها فعلت ذلك وهي حاسباها بالورقة والقلم.. باعتبار انه يوجد جثة في الشارع المصري اسمها »الرأي العام« وأؤكد.. ان النظام الحاكم لو شعر مرة واحدة ان هناك رأيا عاما حقيقيا سيتحرك في مصر بفعل كم الفساد الذي يكتشف كل يوم..ولأغلقت هذه الصحف في الحال.. والقت بالجميع في السجون وعندنا مثال صريح لذلك.. »حزب الشعب« وجريدته عندما تحرك بعض الشباب بسبب نشر وليمة اعشاب البحر.. وقتها كان النظام جاهزا وباسم الديمقراطية تم العصف بالحزب والصحيفة.. في الخلاصة.. أكد الفيلسوف.. إن ما ينشر في مصر.. وتكشفه الصحف من كمية فساد لو نشر ربعه فقط في بلد متحضر.. وبه رأي عام ونظام منتخب يخشي من الرأي العام لزالت كراسي واختفت وجوه حاكمة من سنوات طويلة.. فكما قلت كوميديا الحرية والديمقراطية في مصر لعبة محسوبة لخدمة النظام. وعلي ذلك أؤكد.. ان بريق كرسي السلطان مرعب.. وهو الذي يمنع الرئيس مبارك أو غيره من رؤساء العرب بالتخلي عن هذا الكرسي في هدوء لأي انسان يراوده هذا الحلم.. سواء بالطريق الشرعي الانتخاب والديمقراطية الحقيقية بتداول السلطة أو بطريق التوريث.. والنظام جاهز »لدهس« من يفكر في الاستيلاء علي كرسي الحكم.. طالما هو حي ينبض قلبه. وانهي الفيلسوف الثائر رأيه في القضية حول التوريث.. بانه طالما الرئيس يتمتع بصحة جيدة.. فان كل من حوله الذين سيحاولون اقناعه بترك كرسي حكم مصر لابنه اثناء حياته.. سيصطدم مع الرئيس ببريق كرسي السلطان المرعب الذي يحول دون تحقيق حلمهم في الوراثة اثناء حياة الرئيس.. وعليه فان الرئيس مبارك صادق تماما عندما يصرح للعالم.. بانه لا ولن يوجد توريث في مصر.. وبعد مماته علي من يريد تطبيق التوريث.. سيكون الرئيس بريء منه.. وان كان سيناريو سوريا هو الاقرب في خيالهم. الطرق الصوفية وطريق الشيطان.!! وعن الصوفية وعشقه لها.. رغم حربه ومعاركه ضدها وضد رموزها كالسيد البدوي.. وغيره من رموز الصوفية في مصر والمنطقة العربية.. كشف د. مصطفي محمود عن أسرار خطيرة.. قال.. انه بطبيعته يعشق التجربة وتحليل واقعها والخروج بنتائج ولذلك يعترف بانه تعرف علي اغلب الطرق الصوفية ومشايخها.. واسرارها وعندما اصطدم بواقعها المخزي وما يفعلونه بملايين الاتباع في مصر والمنطقة العربية.. قرر محاربتها كجهاد في سبيل الله. وانقاذ الأمة العربية من العبث بعقولهم.. وابعادهم عن صحيح الدين الاسلامي.. واكتشف ان الانظمة الحاكمة تدعمهم كواجهة لمساندة الحكم دينيا.. والاخطر ان الانظمة الغربية وعلي رأسهم أمريكا. بدأت تدرسهم وتدعمهم.. كإسلام وديع هاديء يأملون ان يصير ملايين المسلمين بالمنطق العربية من دراويشهم. وكشف د. مصطفي محمود.. انه ليس سرا يكشفه.. ان الرئيس بوش الابن.. ومعه بلير رئيس وزراء بريطانيا درسا هذه النظرية.. ودعماها بقوة.. وكان أولي ثمراتها غموض زيارات السفير الامريكي لمولد السيد البدوي بطنطا.. وفي الخفاء سارت مخططات اجهزة مخابرات هاتين الدولتين العظميتين.. في محاولة اختراق الطرق الصوفية في مصر والمنطقة العربية وتجنيدها لخلق اسلام وديع وتحويل شعوب المنطقة الي »دراويش« لتكون بديلا عن جماعات الجهاد والتطرف التي تؤرقهم.. وأكد ان السنوات القادمة ستشهد صدام انظمة الحكم بالمنطقة العربية وفي مصر مع الطرق الصوفية ومشايخها عندما تكتشف ما جري.. قلت للفيلسوف الثائر.. ولكنك صوفي.. ولك جلسات تأمل صوفية.. فأجاب.. لن اذيع سرا..ان اقصي أماني الآن هي اصدار كتابي الاخير لكشف جرائم الصوفية.. وجر الأمة وشبابها للوراء.. بينما العالم يقفز بأبنائه العلماء في المختبرات والمعامل.. ولكن صحتي لا تسعفني.. كما انني اعلم انني سأواجه حربا شرسة منهم.. ومازلت اجني ثمار معركة الشفاعة بوضعي تحت الحماية الأمنية. اما عن تصوفي.. فانني اكتشفت في النهاية ان الطريق الي الله هو طريق واحد لا ثاني له.. وهو قول رسول الله: تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي.. وان كان لابد من الصوفية فان الصوفي الاول هو سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم.. ولا اتخيل ان أي احد من مشايخ الطرق الصوفية سيأتي بافضل من رسول الله..لذلك اكتشفت ان الطرق الصوفية المتفشية بمصر والمنطقة العربية هي فتنة حذرنا منها رسول الله..واغلبها ان لم يكن جميعها لها اهداف باطنية ويتبعون التقية ويجرون المنطقة العربية الي الوراء والتخلف تحت شعار »الزهد والتصوف« والكرامات.. يضيف د. مصطفي محمود.. لذلك بعد دراستي لجميع قضايا الطرق الصوفية.. قررت ان اعتصم بطريق الله وسنته.. واحاول ان اجتهد لأعيش صوفية سيدنا محمد.. في خدمة أمة المسلمين تقربا لله وحده.. وعلي هذا الاساس ولد برنامج »العلم والايمان« ووهبت نفسي سنوات لدراسات علمية شاقة.. وربطها بدين الله علي أمل ان يفيق المسلمون ويعلموا مدي نعمة الله عليهم بالاسلام والقرآن وعليه ايضا ولدت جمعية مصطفي محمود ومسجده لخدمة المسلمين بالعلم ومعاونة المحتاجين. واذكرانه اثناء احدي زياراتي للدكتور مصطفي محمود في صومعته فوق المسجد طاف بي في معامله العلمية بطابق كامل فوق المسجد يتباهي بها.. ثم بعد صلاة الظهر.. وقف بنفسه علي باب مسجده يوزع مرتبات شهرية علي طابور من نساء المسلمين المحتاجات رواتب حقيقية بين ٠٠٣ جنيه و٠٠٤ جنيه وكان ذلك في نهاية التسعينيات. وبعدها ردد الدكتور دعاء الأمراء وحكام العرب وأثرياء مصريين شاكرا لهم فضل دعمهم للمسلمين من خلال جمعيته. وفاجأني متباهيا.. بفضل الله قائلا.. اتعلم ياصابر كم عدد من ترعاهم جمعية المسجد الآن.. انهم بفضل الله نصف مليون استظلهم الله بخدمات اثرياء المسلمين من خلال مسجد »مصطفي محمود« وانا الخادم الاول لهم.. وكل ذلك بفضل اكتشافي النهائي للصوفية بأن الطريق اليالله واحد فقط وهو صوفية سيدنا النبي اما اغلب الطرق الصوفية المتفشية.. فانها تتلاعب بالمسلمين وتجرهم الي طريق اخر غير طريق الله بالتأكيد.. ويكشف الفيلسوف الثائر د.مصطفي محمود اسراره في حواره الأخير مؤكدا.. انه في اثناء بحثه بالطرق الصوفية لكي يتصوف اكتشف طريقة واحدة وهي التي انضم لها وصار علي نهجها.. لانها الوحيدة التي تطبق الصوفية الحقة.. صوفية الرسول محمد وهي »العشيرة المحمدية« وكان شيخها رحمه الله بداية عام ألفين الشيخ محمد زكي ابراهيم.. فانضم لهم.. واصبح تلميذا لهذا الشيخ الجليل.. ويؤكد د. مصطفي محمود انه في هذه الطريقة اكتشف الحقيقة التي هداه الله لها. فقد كان علماء الأمة هم في الخفاء تلاميذ شيخ هذه الطريقة مؤكدا انه ليس سرا اذيعه انني كنت اجلس تلميذا امام شيخ العشيرة المحمدية.. وكان معنا يجلس الشيخ الشعراوي والشيخ احمد عمر هاشم وعديد من علماء أمة المسلمين.وكان عهدا علينا ألا نعلن. وكانت العشيرة المحمدية.. هي طريقتي الوحيدة الي الصوفية الحقة صوفية سيد البشرية الرسول محمد.. وكان عهدنا أنا وزملائي النهوض بالامة الاسلامية بالعلم والايمان كما فعل الرسول.. ولكن للاسف بعد وفاة الشيخ محمد زكي.. ضاعت الطريقة. وتولاها ابنه الذي كانت تصرفاته مع والده الشيخ هي التي دفعته للهرب منه والزهد في الحياة حتي أنعمت عليها رؤيا الرسول محمد بتأسيس العشيرة المحمدية كصوفية سيدنا النبي للوصول إلي الله.. وظل في مسجده وسط المقابر بالدراسة.. لا يفارقه للدنيا حتي وفاته وانتقاله الي الرفيق الأعلي موصياً باختيار خليفته.. ولكن طمع الدنيا.. جعل ابنه يطيح بالجميع ويرث المشيخة ولفقاً للقانون..! حكاية منعي من الأهرام القردة الخاسئين! وعن أسرار منع برنامجه العلم والإيمان بالتليفزيون المصري.. كشف د. مصطفي محمود عن الأسرار الغامضة.. قال.. حتي عام 1996 كنت أذعت حلقة عن »القرود« وحللتها علمياً بالأية الكريمة التي يؤكد فيها الله انه سخط يهود السبت والحوت بالقردة الخاسئين عقاباً لهم.. ويبدو أن هذا لم يعجب دولة الاحتلال الإسرائيلي.. وهاج السفير الإسرائيلي في القاهرة.. وهددوني كثيراً ولم أبال.. ولكن في النهاية استجاب لهم وزير الإعلام وقتها صفوت الشريف. وأصدر قرار منعي من التليفزيون. بحجة تكدير العلاقات مع دولة إسرائيل. ولكن الأخطر هو ما فعله بعد ذلك.. حيث كانت انتفاضة الأقصي الأولي في عام 1998 وكنت أهاجم إسرائيل وأمريكا بقسوة بمقالاتي بالأهرام كل أربعاء فانهالت دولة الاحتلال الإسرائيلي وسفيرها بالقاهرة علي رئاسة الجمهورية بالشكاوي. طالبين منعي من الكتابة بالأهرام لأن كتاباتي علي حد وصفهم تهد اتفاقية السلام.. وتثير الشعوب الإسلامية في مصر والعالم العربي ضدهم بالكراهية.. وتعيق عملية السلام والتطبيع التي كانت في أوجها رغم قتل أطفال فلسطين يومياً وذبحهم علي مرأي من العالم كله.. والعرب وحكامهم للأسف لا يفعلون سوي الكلام فقط.. وكنت أنتقد صمت حكام العرب الغامض علي هذه المذابح وتهديد الأقصي المبارك المهم.. أرسلت مؤسسة الرئاسة الشكاوي الواردة إليها إلي صفوت الشريف وزير الإعلام في ذلك الوقت للتصرف.. فأرسلها الي الأستاذ ابراهيم نافع رئيس مؤسسة الأهرام وقتها مصحوبة بخطاب من السيد صفوت الشريف طالباً منه منع كتابة مقالاتي بالأهرام لأنها تهدد عملية السلام وتكدر صفو العلاقة مع دولة إسرائيل.. ويكشف الفيلسوف الثائر د. مصطفي محمود عن أسرار ما حدث وهو يطلعني علي وثائق تلك الواقعة وطلب صفوت الشريف الغريب.. قائلاً.. ما حدث لم يتوقعه أحد.. لقد أرسل إبراهيم نافع جميع هذه الوثائق.. وطلب صفوت الشريف إلىّ.. وترك لي حرية اتخاذ القرار.. فكتبت مقالة نارية أهاجم فيها دولة الاحتلال الاسرائيلي وأهاجم موقف رئاسة الجمهورية ووزيرها صفوت الشريف! فما كان من إبراهيم نافع سوي أن قام بنشرهذه المقالة.. بعد أن حذف هجومي علي الرئاسة وصفوت الشريف. وأرسل إلي مؤسسة الرئاسة خطاباً يؤكد لهم فيه أنه من واقع مسئوليته المهنية والأدبية.. لا يستطيع ولا يمكنه أن يتخذ قرارا بمنع مقالات د. مصطفي محمود من صفحات الأهرام.. ولا يستطيع أن يحرم ملايين القراء وعشاق كتابات مصطفي محمود في مصر والمنطقة العربية من كتابات د. مصطفي محمود. واقتنعت مؤسسة الرئاسة بموقف الأهرام وإبراهيم نافع ولم يستطع صفوت الشريف أن يستمر في ممارسة سطوته علي الأهرام لمنع مقالاتي بالأهرام بعد ذلك.. ويعلق د. مصطفي محمود علي هذه الواقعة باسماً.. الواقع.. انه كان موقفا من الرئيس مبارك أشكره عليه رغم ديكتاتورية نظامه ووزرائه.. ولكن من أدين له بكل الشكر.. هو الموقف الرائع للأستاذ الفاضل إبراهيم نافع رئيس مؤسسة الأهرام وشجاعته في مواجهة هذه العاصفة التي لا يستطيع أحد غيره مواجهتها.. وللأسف يخرج البعض يهاجم اليوم بعد تركه مؤسسة الأهرام شامخة.. إنها مواقف رجال.. لا يسعني سوي كشفها والتاريخ يحكم بين الجميع بعد رحيلنا.. لا تخافوا علي شباب النت..! وعن رأيه في تكنولوجيا النت والكمبيوتر الحديثة ومخاطرها علي شباب اليوم.. قال الفيلسوف الثائر.. د. مصطفي محمود.. علي الآباء والأمهات ألا يخشوا علي أبنائهم من هذه الظاهرة.. بل يشجعونهم وأذكر أنه كان علي أيامنا في بدايات القرن الماضي.. ظهور »الراديو« ثم السينما.. كبدعة تكنولوجية رهيبة أفزعت الآباء والـأمهات وقتها.. ورغم ذلك أقبل عليها شباب العشرينيات والثلاثينيات في القرن الماضي ليخرج من بينهم جيل الرواد الأوائل من العلماء النابغين والأدباء الذين لا يعوضون.. مثل د. المشد عالم الذرة ونبوية موسي عالمة الذرة.. والعقاد والمازني ونجيب محفوظ وهيكل وغيرهم من قادة الأمة. وأري أن شباب النت والكمبيوتر اليوم.. هم أمل مصر والمنطقة العربية في المستقبل القريب الذين سينهضون بالأمة من التخلف والرجعية بالعلم وتحصنهم بالإيمان.. وأتوقع انهم باستيعابهم التكنولوجيا الحديثة بجدية.. سيكونون هم نواة الرأي العام الذي سيرعب الحكام ويخشون بأسهم في المستقبل القريب.. قال د. مصطفي محمود.. أتركوا الشباب يتفرج علي العالم وسيخرج منهم قادة وعلماء المستقبل القريب.. وأري ان شباب مصر قادر علي ان يعصم نفسه من »الجرائم الاخلاقية« علي النت ويلتفت لهموم الأمة.. فلا خوف عليهم واتركوهم دون تقيد.. فقد كنت علي أيامي اثناء الشباب أتأثر بالبدعة الجديدة السينما والراديو وأجتاز الحانات والكباريهات. وأعتقد ان اغلب الرواد مروا بذلك في زماننا. ولكن في النهاية بداخلنا الواعز الديني الذي يعصمنا ويوجهنا إلي استيعاب ما يفيد الامة من كل جديد يخترعه الانسان.. وإياكم ان تعزلوا الشباب تحت ستار الخوف عليهم فتلك ستكون هي الجريمة. وعن أدباء اليوم والمستقبل.. وخلو الساحة من الرواد. قال الفيلسوف الثائر د. مصطفي محمود.. جميعهم كويسين وكل امة تمر بفترة حمل. يتوقف خلالها الابداع اثناءها .. ثم تفرغ الامة ما حملت فيه عقودا.. لتلد شوامخ.. هذه طبيعة الحياة.. سيخرج لنا رواد من شباب ادباء اليوم. نصيحتي لهم فقط. ألا ينقطعوا أبدا عن القراءة.. والاطلاع يوميا علي جديد يظهر في العالم.. وأذكر انني كنت اقرأ يوميا كتابا جديدا رغم مشاغلي.. كان النوم يجافي عيوني اذا لم اقرأ كتابا جديدا كل يوم.. ويكشف د. مصطفي محمود سر احد كتبه الهامة. ويدعي »النكفي« قال الفيلسوف هذا النكفي كان فيلسوفا ثائرا مستترا في صورة صوفي في الكوفة بالعراق اثناء الخلافة.. وكان مريدوه يجمعون ما يكتبه او يردده في قصاصات.. فجمعتها.. وظللت خمس سنوات ادرس سيرة هذا الفيلسوف.. حتي اتمكن فقط من اصدار كتاب صغير عنه اسميته »النكفي« وفي رأيي انه من اهم عشرة كتب اصدرتها طوال حياتي.. لذلك.. أدعو شباب اليوم إلي القراءة باستمرار دون انقطاع ودراسة ما يقرأونه بالصحف والكتب بعين نافذة.. وهي السبيل لولادة اديب جيد.. فلا تسلموا لأي واقع كحقيقة مؤكدة. ولكن شغلوا عقولكم لنقده وتحليله وستجد الله معاونا لك للوصول إلي النتائج في الحقائق المجردة.. لان الله طالبنا بذلك.. بالعلم وبه فقط ستنجو امة المسلمين مما يحاك لها في الخفاء. ودعت صديقي واستاذنا الراحل.. بعد آخر حوار معه.. وهو يعلق علي ما اكتشفه علماء امريكا بمعاملته »في الخريطة الجينية« وهو يردد انها ستحدث انقلابا في العالم.. وهو بالتأكيد دليل علي خالق عظيم وحده يدير هذا الكون وسنقف جميعا بين يديه يوم الحساب.